والله لا يصلح عمل المفسدين!!
2022-07-13 520
حينَ ظهرت شبكاتُ التواصل الاجتماعيِّ (Social Media) لأول مرةٍ رأى فيها العقلاءُ فرصة حقيقية لتعزيز الوعي المجتمعيّ، وتوثيق التواصل الاجتماعيّ، وإتاحة الفرصة للمواهب المدفونة لتجد سبيلها إلى أعين المتلقين وآذانهم.
وقد قامت هذه الشبكات بهذه الأدوار الإيجابية بشكل جيدٍ في البداية، إلا أنَّ نسقاً سلبياً تسلل إليها، وعلى صوته يوماً بعد يوم حتى أصبح سيد الشاشة وللأسف في أيامنا هذه. وهم ما يطلق عليهم في الغرب بمحاريبي لوحة المفاتيح (Keyboard).
هذا النسق الشاذّ من البشر حول هذه التقنية العالية إلى مستنقعٍ رديءٍ للسبابِ والشتائم والتشهير والإساءة، بدل أن تكون روضةً غناءَ مليئةً بكلِّ معجب ٍمطربٍ.
والموصول اليوم بهذه الشبكات يلحظُ تنامياً مزعجاً للاستهتارِ بحرماتِ الناسِ وأعراضهم، وسمعتهم ،وتسارعاً مقيتا لتلقّفِ الإشاعاتِ ونشرها دون تحققٍ ولا تثبتٍ.
تساءلتُ: ما الذي يحملُ شخصاً طبيعياً على أن يتتبع بعض الناسَ من المسؤولين وغيرهم فيشتم هذا، ويسب ذاك، ويتهم الثالثَ، ويروج إشاعة عن الرابع؟
ما الذي يجعله يتتبعُ كل سقطةٍ فيطير بها فرحاً، ويقوم بتفسيرها على هواه؛ فإذا لم يجد اخترعَ من عند نفسِهِ سقطاتٍ ووزعها على الناس كما يحلو له؟
كيف أذا كان هذا التصرف الشاذ يقوم به عدد ممن يَدَّعُونَ بأنهم من شيوخ وعلماء هذه الأمة المسلمة؟
كيف يرتضي مؤمنٌ بالله وكتبه ورسله واليومِ الآخرِ أن يخوض خوضاً في النميمة والغيبةِ والبهتانِ، وهو يقرأ قوله تعالى: ((ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه))؟
كيف لمن يتلو في قرآنه : ((وقولوا للناس حُسناً)) أنْ يختارَ في قوله القبيحَ المرذول؟
كيف لمن قال له ربه : (فتبيّنوا) أن يكون أسرعَ شيءٍ إلى نشر الأكاذيب؟
هل هي التربية التي تلاقاها هؤلاء؟ هل هو الانسياقُ وراءَ المجموع؟ هل هي الأنا الزائفة والبطولات الوهمية؟ هل هي العقلية المغلقة الملغّمة بالأفكار الحدَّيةِ الشاذة؟
أسئلة كثيرةٌ تستحق من عقلاء المجتمع المسلم ومفكريه ومربيه نقاشاً متأنياً، ودراسةً فاحصةً.
قد يكونُ هذا المسيءُ جانياً، وقد يكون ضحية في تصديق القيل والقال!
وفي الحالتين هو أنموذجٌ مَرَضيٌّ غيرُ مَرْضِيّ يجبُ أن تمتدُّ إليه أيدي المصلحينَ علاجا ًأو بتراً.
إن حرية الرأي التي أتاحتها هذه الشبكاتُ، تعتبر مزيةٌ للمجتمعاتِ الحيةِ، تزيدها صحةً وعافيةً، والإشكالُ هو في تجاوز حدود الأخلاق من البعض، وكسر قيود الآداب، وانتهاك الحرماتِ، واصطناع قاموس البذاءاتِ .. إنها سلوكياتٌ سيئةٌ مريضةٌ ولو حاول أصحابها إلباسها ثوب (الإصلاحِ) و(النقد) .. والله لا يصلح عمل المفسدين